Tuesday, May 19, 2009

غسق



غسق


اصدقائي الاعزاء، احسست برغبة جامحة للكتابة مثل الايام الخوالي، وخرجت بما ستقرؤون الان،،أولا لا ادري هل هذه فقط خاطرة او خربوشة، ربما اكملها فتصبح قصة قصيرة،،ويمكن ازيدها شوي واحلم قال اني اعملها روايه....لا ادري..على كلن احترت ماذا اسميهاولكني ارتحت في النهاية الى كلمة "غسق" لكثرة المعاني التي تحملها هذه الكلمة في قلبي ،، على الاقل بالنسبة لي ..


أرجو ان تستمتعوا

البارحة كان يوما عاديا كغيره من الأيام حتى الساعة الثانية بعد الظهر حين دق جرس نقاله واتاه صوت عمه خائراً كحصان أضناه طول السباق وعلو الحواجز، قائلا: " عمي الله يرضى عليك في مجال تيجي عالمستشفى عشان ابوك تعبان شوي؟". بهدوء فوضوي اجاب "ولا يهمك عمي مسافة الطريق ان شاء الله". طلب إذن مغادرة الحقه بطلب تكسي وذهب في لمح البرق الى المستشفى، ما ان وصل هناك ورأى تلك الاعداد المتكومة من اقاربه الذين لم يرهم منذ دهور حتى أيقن بان الامر جلل، اخذ نفسا عميقاً وتوجه الى عمه الكبير وسأله بهدوئه العاصف "ان شاء الله خير يا عمي، وين ابوي؟".


رفع عمه عيناه بصعوبة لتلتقي بعيني ابن اخيه ورمق ريقه كانه يبتلع اخر قطرة ماء موجودة على هذه الكرة الأرضية وقال له"أبوك توفى بجلطة قبل ساعتين".صمت هنيهات قليلة محاولاً استيعاب الكلمات القليلة التي نطق بها عمه للتو، ود لو يصفع عمه وينعته بالكاذب، ود لو يصرخ صرخة مدوية، ولكنه تذكر فلسفته الخاصة به في التعامل مع هذه المواقف، فقد سبق ان تخيل هذا الموقف حتى يتمكن من التعامل معه بافضل اسلوب، ولكن يبدو جلياً الآن بان الحقيقة تختلف اختلافا كلياً عن الخيال، ولكنه عقد النية على ان يكون سيد الموقف، فهناك من يحتاجون اليه قوياً كجبل في موقف كهذا.


دخل الى الغرفة المجاورة التي كان تحديق عمه في بابها كفيلا بأن يخبره بانها الغرفة التي يرقد فيها أبوه، أغلق الباب برفق المنتهي من صلاته، وتوجه الى السرير الوحيد في تلك الغرفة بخطوات فقير خارت معدته جوعاً وسما رأسه كبرياءً، كان صوت بكاء اخته التي تكبره بثلاث سنوات قد غلب على نحيب اخته واخيه الصغيرين، وشاركهما البكاء ابن اخته ذي السنتين الذي لا يعلم ما حصل ولكنه يشارك الاخرين البكاء حتى لا يشعر باختلافه عنهم.قبل رأس ابيه ويده، وحضن الصغيرين، ونظر بعينيه الحانيتين الى اخته الكبيرة التي توقفت عن البكاء حين راته وكأنها وجدت في صلابته عوناً على مصابها، وقال لها: "شو فرقت؟ اربعين ولا خمسين ولا ستين ولا سبعين، بالاخر ميتين ميتين، الدور علي بخاف ربه وبحسب حساب هيك موقف، وأبوكي بإذن الله هلا بكون مبسوط في الجنة، واحنا بنركض ورى هالدنيا وهمومها" نطق اخر كلمة وتوقف بعد ان حالت غصة دون اكماله لكلامه، كتم صرخة مقهورة في حلقه، أعدم دمعتين في مقلتيه، طرد جزعاً من قلبه، أنكر رجفة في يديه، ورجى قدميه الا تخوناه الآن.


خرج من غرفة ابيه المتوفى وقال بصوت ما زال يستل سيفه رغم الجراح المثخن بها: " يا اخوان الناس اللي بتآمن بربنا لما تصيبهم مصيبة بقولوا انا لله وانا اليه راجعون،والله يحسن خاتمتنا جميعا، والوالد بحاجة لدعواتكم وصلاتكم" وتوجه الى عمه وطلب منه ان يساعده في اجراءات الدفن، فلا خبرة له فيها، فلم يمت أحدا له من قبل سوى امه التي وافتها المنيه قبل بضع سنوات اثناء دراسته في الخارج ولم يرها ولم يودعها لأن أباه فضل ان لا يخبره في ذلك الوقت لأنه كان في فترة امتحانات مهمة.


جلس في بيت الاجر يستقبل المعزين، ويشرب القهوة ويدخن السجائر ويجبر تلك البسمة أن تستقر على شفاهه اطول فترة ممكنة، رأى في دخان السيجارة امه التي كانت تقبله كل صباح وقت ذهابه للمدرسة، وكيف كانت تساعده في دروسه وتعاقبه حين لا يحل الواجب، تذكر صراخها ووعيدها، حنانها وهدهدتها، وانينها في الليل وهي تقاسي الام المرض، أمه ماتت وهي في اواخر الثلاثينيات، وأبوه ها قد توفي في نصف العقد الخامس، اما هو فسيتم ثلاثة عقود عما قريب، لا يعرف هل يفكر في طموحه الذي يحتاج عقدين آخرين، ام يفكر في امكانية موته في سن مبكرة كأمه وأبيه.


يبدو بأن امرا اخر كان يقلقه أكثر،هي التي انتظرته طيل دراسته الجامعية، وانتظرته ثلاث سنوات اخريات كي يعد نفسه، وها هو الموعد اقترب، ولكن جدّ هذا الخطب فماذا عساه يفعل، بدأ ذلك الشريط يعرض نفسه، وانسدلت الستائر لتغطي الحاضرين، لم يعد هناك الا هو وهي في زقاق حيهم على بعد شارع من بيتها وشارعين من بيته، لم تكن من النوع الذي يتحدث كثيراً، ولكنها كانت تنظر بنهم، أدمنته على نظراتها حتى اصبحت هذه النظات عنصراً اساسياً في نظامه الغذائي اليومي.


تذكر ذلك الموقف بكل تفاصيله حين قطف لها تلك الزهرة التي زرعها في قارورة وضعها على شباك غرفته وسقاها لمدة شهرين حتى اصبحت زهرة يانعة، قطفها وذهب بها اليها في عيد ميلادها السابع عشر، وحين التقيا خلسة في الزقاق المعهود نظرا الى بعضهما البعض دونما الكلم طويلا حتى مل النظر نفسه من نظرهما، وحينما تجرأ وهم بإعطائها الوردة ارتجفت يداه واحمر وجهه ولكن ليس اكثر من احمرار وجهها، احس بأن عملية نقل الزهرة من يده ليديها هي عملية تسليم مخدرات او اسلحة يقوم بها مجرم ساذج قد احترف هذه التجارة مؤخراً.

أحسوا بحركة بعض الأشخاص، انفصلا عن بعضهما البعض وكل ذهب في طريقه، يا الله كم حزنت هي، ولكن اعظم من حزنها كان حزن الزهرة، ذرفت كماً كبيراً من الدموع قبل ان تصل بيتها، دخلت غرفتها فوجدت الزهرة على ارضية الغرفة مربوطة بحجر وورقة مكتوب عليها " حرام ان يحرم توامين من بعضهما" لعله كان يقصد هو وهي، ولكنها فهمتها انه يقصدها هي والزهرة، ولكنه يعرف الان بانه كان يقصد المعنيين.


ابتسم حين تذكر بكائها بعد الثانوية عندما قرر الدراسة في الخارج، باركت له واثنت عليه لانه حصل على منحة ممتازة، وندبت حظها بتوجيه نظرها الى زاوية بعيدة عنه وبهز كتفيها قائلة: " بكرة بيعجبوك البنات التانيين اللي برة وبتنساني، أصلا شو بعرفك انا يمكن كمان انساك" فابتسم ابتسامة طفولية وقال لها: " اللي بيكزب وين بروووح؟" فقالت له: "بروح عالنارن بس النار اهون علي من بعدك عني" وانهارت باكية.


لم يرها في يوم من الايام اجمل من يوم استقبالها له في المطار، كانت كحورية بحر تجلس على صخرة في وسط البحر تأخذ قسطا من الشمس، ذابلة عيونها كعيون طفل يغالب النعاس ، منسدل شعرها ينازع اشعة الشمس بهاءها، كانت فرحة كفرح عصفور حديث الفقس جلبت له امه دودة في منقارها، كانت دافئة تمتزج بهواء عليل كليالي أيار.


" عظم الله اجركم" افاق على هذه الجملة التي انتقلت من افواه جماعة جاؤوا لتعزيته وتعزية عائلة الفقيد، كانت هذه الجملة كفيلة بان توقظه على الواقع وان توضح له الوضع الراهن أكثر، فهو الآن مسؤول عن أخ عمره تسع سنوات وأخت عمرها سبع سنوات، كم ود لو تاخرت هذه الجماعة حتى يستطيع على الاقل ان يستمتع ببعض المواقف التي جرت في السنة الأخيرة، حيث كانت اكثرها حباً وعشقاً وولهاً...

ربما يتبع...

بقلمي: صالح دوابشة

رام الله – التاسع عشر من شهر ايار لعام الفين وتسعة1:40 صباحا

حبيبتي في عيون أنسية

حبيبتي في عيون أنسية
حدث أن ذهبت في زيارة لبلد عربي أحبه...وفي أحراش ذلك البلد جلست مع أصدقاء لي أعرفهم..وآخرين تعرفت عليهم في تلك النزهة...وبعد أن انتهينا من الشواء واللعب تحت ظلال الأشجار...ذهبنا كل في جهة...كل يستكشف المنطقة على مزاجه وهواه...وجدت نفسي أمشي مع شاب...كنت قد عرفته قبل هذه النزهة فقط لدقائق معدودة في بيتهم...لا ادري لماذا هو بالذات من مشيت معه...ولكن ربما طيبة قلبه التي تعكسها براءة وجهه هي ما جذبني اليه...أو لربما طيب حديثه وجمال ابتسامته...وأظنه أيضا كان يكنّ لي قدراً كبيراً من الاحترام من اول مرة تقابلنا...لن ازيد عليكم في التفاصيل...وسادخل في لب الموضوع.


بدأنا نتحدث عن اخبار البلاد والعباد...وعن الدراسة ومشقة الحياة وهكذا أمور...الى ان سألني أنس : اتحب؟فقلت : نعم أحب وحبيبتي في نظري أجمل من خلق الله.

فقال : أهي بيضاء البشرة؟فقلت : نعم بشرتها بيضاء كبياض قلبها...ويلون وجهها بعضا من مساحيق التجميل..فتارة ترى الكحل الاسود يزيد عينيها بهاءً ..وتارة يغريني أحمر الشفاه الذي تضعه...وما اجمله من ظل العيون الاخضر الذي الذي يعلو أجفانها، وزيادة على ذلك يزين وجهها الملائكي اجمل عيون يمكن ان تتخيلها يا أنس.


اقترب مني أنس أكثر وكانه طفل صغير يستمع لقصة أمه قبل موعد نومه...وما ان انتهيت حتى سألني: وكيف صوتها؟فقلت : يختلف من وقت لآخر فهي ذات صوت دافء عندما تكلمني في الهاتف قبل نومي...ويكون صوتها رومانسيا هادئاً في المقهى...ولكنه يتحشرج عندما اغيب عنها بعضاً من وقت...وأحيانا يكون صوتها هادراً عندما تغضب مني أو من صديقاتها أو أحد أقربائها.


فسأل أنس مرة اخرى : وكيف قوامها ؟فقلت : ليس بقوام محدد..فلست أعلم ان كانت طويلة أو قصيرة...أو سمينة او نحيفة...فإني أراها بهالة رائعة جميلة...وكأنها ممشوقة القوام...تمشي وكأن عيناها فوق النجوم.


فقال متنهداً : يا الله كم انت محظوظ وكم هي عشيقتك جميلة!!


بينما كنت أجيبه كنت انظر في عينيه...لا أدري لمااذ كنت استذكر صورتها في عينيه...ربما لشغفه كي يعرف صفاتها...أو لربما لأنه لا يملك معشوقة...لا يملك معشوقة؟؟أيعقل هذا؟؟


سألته : انس اخبرني عن معشوقتك؟فتبسم وقال : معشوقتي تشبه معشوقتك الى حد كبير...وكأنهن توأمان...ولكن معشقوتي لم أبح لها حتى الآن بعشقي...ولا أدري ان كانت تبادلني حباً بحب..ولكنها جميلة رائعة تماما كمعشوقتك...ولربما كانت أجمل.


فقلت له: وما يمنعك أن تخبرها بحبك؟فتبسم ساخراً وقال : الظروف.


لا ادري لماذا أحسست بالغيرة عندما قال هذه الكلمات...حتى ان شعورا راودني بان أنس يحب عشيقتي...ولم يفصح لها عن مشاعره حتى الآن..ولكن ما أدهشني هو انه لم يستغرب حبي لها...بل ازداد حبا واحترما وتقديرا لي.وانا منهمك في تفكيري...تنبهت الى ان انس يحدق بي..وكانه يسترجع ما كنت أقصه عليه من صفات معشوقتي...حدق أكثر وأكثر..حتى بدأت دمعة بالتكون في مقلتيه البريئتين الشامختين.غالب عبرته..وطلب منها راجيا أن تعود الى منبعها كي لا تفضح سره..ولكني رأيتها ورأيت فيها حبيبتي أجمل من أي وقت مضى.تيقنت وقتها بأنني وأنس نحب معشوقة واحدة...


سبحان الله اجتمعنا من قطرين على محبتها...ولربما نتزوجها نحن الاثنين في يوم من الأيام ونعيش تحت سقف واحد.حبيبتي...عشيقتي...في عيني انس رأيتك اجمل...وفي عبرته رأيتك أعظم.


انا : مواطن يحمل جواز السفر الفلسطيني والهوية الفلسطينية.
أنس : لاجيء فلسطيني يحمل الهوية السورية الخاصة بالفلسطينين ووثيقة سفر سورية.
معشوقتنا : فلسطين


بقلم الطموح العاشق لأرضه...إهداء الى أنس


summer 2007

بطاقة كرتونية...قلم حالم...وحلم قاتل

بطاقة كرتونية...قلم حالم...وحلم قاتل


بطاقة كرتونية تزينها وردة...
ليلة مظلمة شدية المطر...
صفير ريح تقتحم شق نافذة مكسورة...
ومصباح كهربائي يتأرجح في سقف الغرفة...
يتناوب نوره وحزنه في تتابع...


وجوه كثيرة تنظر عبر الجدران...
هل تنظر عبرها من الخارج لترى ما بالداخل!!!
ام تنظر من الداخل لترى ما بالخارج!!
لا يهم فلم يعد هناك فرق..


ظلام وخوف..برق ورعد..
زخات مطر...وخوف من قدر...
وفي الصباح قطرات ندى...
واشعة شمس تكتشف خداعها قبل فوات الاوان او بعد فواته..
أيضا لا يهم فالليل بسرعة قد يعود



.فرقعة اصابع...اصطكاك أسنان...
أمعاء تخور...أطراف ترتجف...
وبقايا أنثى في المكان.


ورقة بيضاء قد ابتلت...
وكلمات قد استهلكت...
بسمات زائفة...دمعات حانقة...وقلم يرثي ويكابر.


تلك البطاقة الكرتونية واحدة لا تتكرر
ولكن ليلتها المظلمة تتكرر كل ليلة...
وصفير الريح يشتد ويضعف ولكنه لا يموت...
والمصباح الى فناء.


الوجوه منها من يبارك...ومن يعزي...
من يقتله الحسد...ومن تقطع اوصاله الغيرة..
.من يذوب حزناً...ومن يتصنع فرحاً...
من يحييه خداعه...ومن يقتله صدقه
بالمناسبة...ان اختلاف اجزاء هذه الوجوه لم يعد مهما فلست ارى في المرآة الا وجهي وتلك البطاقة الكرتونية على طرف المنضدة البعيد..


مكونات فصل شتاء اسلفت ذكرها...
احاول انكارها...فاخاف ان تنكرني...
لذا سالتصق بجذع شجرة صنوبر عند طرف النهر...
وأرمي حبات التفاح المتساقطة منها الى ابعد مسافة استطيعها على سطح تلك البحيرة.


صنوبر بجانب نهر؟؟؟
صنوبر ام تفاح؟؟؟نهر ام بحيرة؟؟
لم يعد مهما...
فبهاء الورقة الكرتونية في انحدار.


الاصابع تصلبت...
الاسنان الى الارض تسابقت...
الامعاء تقطعت...
وما تركت بقاياها المكان.


الورقة تكبرت وتجبرت فسخطِت...
الدمعات تبخرت..
.البسمات أعدمت...
وأستشهد القلم بجانب الورقة الكرتونية...
بعد زحف مضنىٍ وجرح دامٍ

.


بقلمي...... خريف 2007 21 تشرين الثاني1:30 صباحاً

لحظات شامية

لحظات شامية


لست أدري ان كان ذلك قلبي ام كان حسوناً...ذلك الشي الذي كان يسبقني ولا يتركني..لم أستطع أن أميز ذلك الصوت..هل هو خفقات قلبي أم رفرفات اجنحة...بدات أشك في أن كمية الاكسجين المحيطة ستكفيني... خصوصاً بعد انطلاقي من حدود ضيعات الشام الى قلبها...لم تمتلىء رئتاي بهكذا كمية من الهواء من قبل...وددت لو أضحك بصوت عالٍ...أو أبكي بصوت مكتوم...استأذنتني عبرتان لتبللا وجنتان احمرتا شوقاً وحياءً.لست أتذكر ان كنت قد أذنت لهما...ولست أتذكر درجة حرارتهما...ولكني أتذكر بأنهن كنّ دافئات...


لست أتذكر الا الاف اللحظات التي اخذت تتزاحم أمام ناظري...لحظات فلسطينية...لحظات صوت وصورة ثابتة...لحظات انفعال وطيش...لحظات زعل ورضى...لحظات اقتناع وامتناع...لحظات راقصة وأخرى هادئة...لحظات بريئة وأخرى غيرها متلاعبة.

كل هذه اللحظات كانت تتجمع في القديم لتكون لوحة...لوحة تقيّد كل هذه اللحظات بإطارها النظري الصامت البارد....القاتل.

هل حقاً سيسمح لهذه اللحظات ان تتحرر من اطار لوحتها النظري...لتتبعثر هنا وهناك...في ساحة المسجد الأموي...وفي الحميدية...في الصالحية والشعلان...في شارع الحمراء وفي اروقة الشام القديمة الضيقة...في باب توما وجانب النوفرة...في اشهى المطاعم وأجمل المقاهي..لست أدري ان كانت لحظات تتبعثر او تنقسم...

لربما كانت لحظات تنقسم وتتكاثر وتصنف نفسها في نوعين...نوع نظري قديم لا يقبل الاندثار...ونوع جديد مملوء بالنشوة...لحظات تخزني كل لحظة اعتقد فيها بأنني أحلم...لأكتشف بأنني لست أحلم وإنما وصلت احضانها.


هل حقا تتعانق القلوب؟؟؟كم انتظرت هذا العناق...ذلك العناق الطاهر...الذي يتعالى على كل المحسوسات المادية..انتظرته ولكنني لم أجده...لم أقابله..ففترت قوتي...وتجمعت واحتشدت لحظاتي لتاخذ كل واحدة منهن موقعا لها في رأسي خوفاً من أن تتأخر قليلاً فتمسي بلا مأوى.

أهو قدري؟؟؟هذا ما ظننته...قدر مكتوب...ولكن بعد برهات ساخنة وبعد اندماجات وحشية...بعد محاكاة حساسين القلب لقمم الاشجار...وبعد تلقي الاسهم على ترسِ قلبيٍّ قوي..وبعد التوحد مع موجات صاخبة ورياح عاصفة...وضوء قمرٍ هادىء...ونسيم بحر عليل...تغير قدري..استغفر الله..فليس القدر يتغير...وإنما ادراكي هو الذي نضج.يبدو بأن عناق القلوب كان أصعب مما توقعت...فهو ليس بقطع شجرة في غاب ...وليس بشبكة يلقيها صياد...وليس دعوة يبعثها أمير مخملي الى فاتنة ريفية...وليس ثورةً يبدؤها فلاحون...إنه أكثر من ذلك...إنه إحساسك بفقدان القدرة على الاحساس...

ثم تفقد قدرتك على الابتعاد....فتفقد قدرتك على كل شيء...باستثناء شيء واحد...لن تفقد قدرتك على أن تبقى معانقاً حتى يمل العناق من عناقك.


دمشق 6.2.2007
5:30pm

حفل زفاف..حبري الشغوف وورقة حيية

حفل زفاف..حبري الشغوف وورقة حيية
ترابط....تشعب...دموع وابتسامات....اصابع تعزف وآذان تطرب...حرارة في الوجه وبرودة في اصابع الأرجل...تنقطع الالحان لفترة قصيرة فتنفر الأفكار...حتى الأفكار تخاف ان تقتحم مكشوفة..وانما تريد ان تركب موجات الالحان لتصبح جزءاً منها..فما أن تدخل حتى تتبخر امواج الألحان ولا يبقى الا الأفكار...هل هي حرب مقدسة...ام صراع بقاء..أتراها تنافساً بسيطاً...أم سباق عدائين؟؟؟؟انا البحر....والسفن تعبرني...لا اظن ذلك فلربما انا السماء.... والطيور احتضنها.....أوتراني الأرض والزلازل أداريها؟؟؟ ربما تهت في بعض حروف ولكنني ما زلت بحراً ..سماءً..أرضاًً..كم من سفن!!! كم من طيور...كم من زلازل..بقيت انا...ما زلت انا..لحم ودم وبقايا اوراق تناثرت هنا وفي زوايا بعيدة...قدروا هم اثمن الاشياء بالذهب ..وقدرت عيونكي بحبري...أيكفيكي حبري...لا أنكر بأن اوراق كثيرة تركت عليها ملامح بصماتي...ولكن بحبر اقلام ..اقلام منها العادية ومنها غير العادية...اقلام صنعت في لحظتها..وأقلام صنعها الفراعنة وربما من جاء قبلهم...اوراق كان منها الدائري والمستطيل..منها الجديد ومنها الرث..المسطر والخالي من الأسطر...ورقة رسمت عليها ابتسامتي...بعد ان ابتسمت...وأخرى رسمت عليها دمعتي بعد ان بكيت...واخرى وصفت فيها صفعة....واخرى نقدت بحروفها نظرة...أتذكر ورقة بقيت ناصعة لم اكتب فيها شيء..وأخرى فقدت ملامح الورق من كثرة الحروف التي تكدست فوقها.أما الآن ومع بداية عامي هذا...طلبت راجياً من رياح الذكريات ان تهب لحمل كل الاوراق..فحملتها....لتحملها الى بلدان ربما افضل...ربما ستجد هذه الاوراق حياة افضل هناك..في الافق حيث النور..فما لهذه الاوراق ومكتبتي القديمة.ولكن..أعدك... ساستبدل مكتبتي...بغيمة...واوراقي ستكون ورقة واحدة...وفي كل لحظة احن للكتابة ستلد ورقتي نفسها مرة اخرى لأكتب اكثر وأكثر..لأكتب عنك بحبري...لأروي ورقتي دموعاً دون بكاء...واسكرها بسمات دون انفراج فاه....حبري مزيج الفحم والنار والخشب...مزيج الحزن والفرح...مزيج الامل واليأس...حبري الذي ظلّ جافاً طوال سنين عديدة..لم يكن ليرضى بان اكتب به على تلك الاوراق..ولكنه نطق الآن وصاح:هذه الورقة هي...بالله عليك لا تحرمني منها....زوجني منها فنلد لك حروفاً لم ولن تر مثيلا لها .....ها أنا اعلن اليوم زواج حبري الشغوف لورقة ...ورقة حياؤها منعني ان احدد لاي الأشجار تنتمي...يا حبري يا شغوف..يا ورقة حيية...انتظر ابناءكم...أقصد أبنائ

ي.1:40 صباحا 1/12/2006

ألم في اعلى المعدة

ألم في اعلى المعدة
على مقعدٍ مستدير..وأمام شاشة قديمة...وعلى لوحة مفاتيح اعياها ضرب اصابعي...بدأت اعزف..ادق المفاتيح واحداً تلو الآخر وكأني الاحق اللحن القادم من سماعات الرأس...ويصر دق الطبل على النقر بصوت اعلى ويرتقي الصوت الى علٍ..الى علٍ..


وفجاة يهدأ كل شيء...لا لم يتوقف الزلزال..ولم يهدأ البركان...ولا تراجع الاعصار..ولكن الاذاعة انتقلت من اغنية الى أخرى..ولكن انا أحسست بشيء غريب في اعلى معدتي..وكأنه ألم...لا ليس بألم..إنه شعور الرغبة في التنفس أكثر...وكأن رئتاي قد استقرتا في مكان ادنى من مكانهن الأصلي بقليل ...وقلبي استحوذ على الحيز الذي خلفته الرئتان...واخذ يتنقل يمنة يسرة...


موسيقى أخرى هادئة في بدايتها ما لبثت ان بدات تصخب أكثر وأكثر.... كأنها تحتج على الوضع الراهن...التحقت يدي اليسرى بهذا الشغب...فتموضعت على بطني واخذت تهزه الى اعلى والى اسفل...وكأنها تقول من المستحيل ان تنزل الرئتان الى هكذا موضع.."ولكن بقليل من الشك"


لست استطيع أن احدد او أعبر أكثر..فالموضوع يأخذ طابعا سرياً ممزوجا بصفات المغامرة...مغامرة تبتعد عن العقلانية في تفاصيلها ولكنها لب العقلانية بشكل عام...من قال ان ذلك الشي مستحيل؟؟ ابعد التجربة قال هذا أم انه حكم العرف كالعادة؟؟؟لست بإنسان عادي..ولن أكون..فهذا أنا ما زلت بحراً..سماءً وأرضاً...ما زلت تلك البقايا للحمٍ ودمٍ... وبقايا اوراق..ولكنها هذه المرة ليست اوراقاً متناثرة...وإنما أوراقاً مسافرة.


المنتظر لموعد صعود رئتيه الى مكانهما الطبيعي.25.1.2007

حالة اضطراب

حالة اضطراب
تتحسسني لمسات...تشدني همسات...توقظني صيحات...صيحات لا أعرف مصدرها...أهي ذنوب الماضي التي طالما راودتني في مناماتي...أم هي أحداث اليوم التي أجترها و تجترني...أو هي امال المستقبل التي كلما تلاشى غموضها تلاشت هي ايضاً مع ذلك الغموض.تعودت أن تغزوني الأطياف فتثير فيّ قوتي الكتابية الكامنة...تلك القوة التي افتخر بها...وأستخدمها كلما أحسست بالضعف...لم أعتد التفكير كثيراً قبل أن أمسك قلمي...أما هذه المرة أخذ مني التفكير أياماً وأكثرواشتد وقع التفكير أكثر عندما قرأت ذلك السؤال الذي كتبتيه :"بالنسبة لك" من أنا؟لم أجحظ قبلاً كهكذا جحوظ...لم تنصت عيناي بقوة كهذه...هنيهات أقضيها بين كل حرف وحرف...ألا أملك الشعور؟؟؟ألا أملك الحدث؟؟؟ألا أملك القدرة على ............؟نعم...إنني افتقد قدرتي المعهودة على ترجمة مشاعري الى كلمات...أتحسس خصلات شعري غارقاً أكثر في تفكيري...أدير عيني في محجريهما...ترددت...تلعثمت...حتى أن حسن خطي قد تباين.من أنت؟أنت مجموعة ملامح...ليتها تتجمع...ليتها تتآلف...مجموعة ملامح تتنافر...لتكون صوراً أو اجزاء من صور...اجزاء جميلة...رائعة...أحبها...أعبدها...أقترب منها أكثر فأرتجف خوفاً...أجزاء اجزع من امكانية تجمعها لتكون تلك الصورة الواحدة؟الصورة الواحدة التي تختبىء في طيات المستقبل...صورة لا أدري كم هي حارة...او ربما صورة تماثل برودتها بردوة القطب المتجمد الشمالي...صورة لربما يكون إطارها دائرياً...او مضلعاً...او لربما غير منتظم...ولكن!!! لماذا ابعد عن تفكيري احتمالية ان تكون صورة من غير إطار.أهي صورة ام لوحة؟كفاك تفاهة...أهناك فرقاً بين الصورة واللوحة؟؟!!نعم...هناك فرق...فالصورة ترسم حياً...أما اللوحة فيرسمها حي لتنطق حياة.فمن انت...الصورة أم اللوحة؟؟؟30/4/2206